مذ وعت البشرية العمل السياسي ، كان أسلوب المظاهرات والاعتصام
والإضراب عن الطعام وغيرها من العمل السياسي الشعبي وسيلة للاحتجاج
في وجه الحاكم لتحقيق مطالب هؤلاء المحتجين الذين سلكوا طريق التعبير
السلمي . وهناك من عبر عن احتجاجه بطريقة عنيفة مع نفسه ، فيقوم بحرق
نفسه في أحد الساحات العامة للبلدة أو الانتحار بعد أن يكتب وصيته ،
وهناك من استخدم الحذاء أسلوبا للتعبير الاحتجاجي سواء من الرسميين
كما فعل خروتشوف في الأمم المتحدة حيث خلع حذائه وهو جالس في مقعده على
رأس الوفد السوفييتي في الدورة العامة للأمم المتحدة عام 1960، ودق به
على المنصة ليسكت الحضور الذي حاول بعضه التشويش على كلمة الاتحاد
السوفيتي آنذاك ، أومن عامة الناس كما فعل الزميل الصحفي العراقي
منتظر الزيدي حيث رشق الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش بفردتي حذائه .
وقد مارست الشعوب العربية الاحتجاج بالمظاهرات والاعتصامات والاضرابات في سنوات قبل الأنظمة الأحادية ، وسقط فيها ضحايا لكنهم حققوا مطالبهم ، كان ذلك في عهد الديموقراطيات الوليدة بعد إعلان الاستقلال سواء في سوريا أو مصر أو العراق ، حيث سقطت حكومات أمام احتجاج الشارع الذي كان يقوده من يتحدث باسمه في المظاهرة . مثلا في سورية سقطت حكومة صبري العسلي لأنها صدرت القمح السوري إلى فرنسا التي تحتل الجزائر وتضرب الثورة الجزائرية بالحديد والنار . للأسف غاب اليوم الفعل الجماهيري السابق ، نلاحظ المظاهرات التي تجوب شوارع العالم العربي كلها بترخيص من السلطة التي تقف عاجزة عن أي موقف إزاء مذبحة غزة ، فيخرج الناس يرفعون عقيرتهم بالهتافات النارية تحت أعين أجهزة الأمن ، ولو حاولت المظاهرة التوجه للاحتجاج أمام السفارة الأمريكية الداعمة دوما إسرائيل ، لكانت قوات الأمن في المرصاد لمنعهم ، وحتى اعتقالهم . لذا أصبحت المظاهرات في الشوارع ، والهتافات واللافتات النارية بشعاراتها " الموت لأمريكا وإسرائيل " ، " لا للاستسلام نعم للمقاومة " "خيبر خيبر يايهود جيش محمد سيعود" ، وغيرها من عبارات تزيل الاحتقان الشعبي ، وتفريج غضبا إنسانيا نتيجة لما يراه الشعب في الفضائيات من مجازر جماعية وجرائم ضد الإنسانية في غزة وقبلها في لبنان وقبلها ولا زال في العراق ، فالحروب أصبحت تشاهد على المباشر ، فتخرج الناس تبح حناجرها بالصراخ وتعود لبيوتها ، وكفى المؤمنين شر القتال . هذه الصراخ في الشارع العربي أصبحت تقليدا منذ الحرب على العراق في مطلع تسعينات القرن الماضي . خرجت الشعوب العربية إلى الشوارع وبحت حناجرها بالهتافات والتسقيط والتعييش والإدانة والاستنكار ، وللأسف بقيت أصواتها وحيدة وتلاشت الأصوات في سماء الصمت الرسمي العربي ، كما يحدث اليوم إزاء غزة الذبيحة . وإذا انتقلنا إلى الجهة الرسمية ، نلاحظ أن خطب القادة العربية فيها من البلاغة والاستعداد لمقاومة الاحتلال أكثر من أي فارسي خرافي ، تجعل المرء يلتفت حوله عجبا ودهشة متسائلا هل حقا يعني ما يقول أم أنه هو الآخر يفرج احتقانا داخله ؟ وتزداد الدهشة لأنه في نفس الوقت صامت عما يجري من قتل وتدمير وكان ما يجري في كوكب آخر ، حتى تصريحات بعض القادة العرب كانت أكثر برودة من تصريح لدولة غربية . هذا واقع لا نستثني منه أحدا من النظام الرسمي العربي ، كان الأمر نفسه خلال الغزو الأمريكي للعراق ، والعدوان على مخيم جنين ، وحصار الرئيس الفلسطيني المرحوم ياسر عرفات ، الذي انعقدت قمة بيروت 2002 بدونه ، ولا ننسى الصمت العربي الرسمي في العدوان الإسرائيلي على بيروت 2006 ، واليوم ندخل العام الجديد 2009 على رائحة جثث الأطفال المحروقة بصواريخ إسرائيلية تدك غزة في حرب إبادة دخلت أسبوعها الثاني ، والذي يزيد الجرح عمقا ليس الصمت فقط بل هناك أطراف من النظام العربي ، وحتى من بعض ممن يسمون أنفسهم معارضة يدين فعل المقاومة ، بأنها " لأجندة خارجية إيرانية " نفس الكلام قيل عن العدوان الإسرائيلي على لبنان في تموز 2006 . ليس خافيا على أحد أن لإيران مشروعها لتكون لاعبا أساسيا في المنطقة ، وأيضا لتركيا مشروعها السياسي في المنطقة لتكون من الفاعلين في ترتيبات المنطقة ، ونعتقد لهما الحق في ذلك ،أن تفكر كل دولة بمصالحها وتدافع عنها ، ولكن الغير المقبول ألا يكون لدى العرب مشروعا عربيا يحفظ المنطقة التي أصبحت نهبا للمشاريع الخارجية ، سواء الأمريكية أو الأوربية أو الإيرانية أو التركية ، فالطامة الكبرى الآن غياب المشروع العربي . إيران تعادي إسرائيل ، وتركيا حليفة إسرائيل وكلا الدولتين إسلاميتين ، نجد دورهما الآن في المنطقة عبر نافذة غزة . إذا كانت إيران تدعم المقاومة ومهما كانت حساباتها لمشروعها، فإن تركيا وعبر غزة ومن بوابة مصالحها أيضا تلعب دور وسيط المصالحة فيما بين الدول العربية ، أليس هذا مدعاة للسخط والسخرية والاحتقار من نظام عربي يتبجح صبح مساء في بوق عنتريات " المقاومة وصد العدوان " وهو عاجز عن التصالح فيما بين أطرافه لتحقيق تلك العنتريات التي تصم وسائل إعلامه آذان المواطن ؟ تركيا وإيران جارتان ، ومن مصلحة العرب إقامة علاقات متوازنة معهما ، أما أن تقومان بما يجب أن يقوم به النظام الرسمي العربي وبطلب عربي فهذا فوق الاحتمال ، ويؤكد تماما أن نظاما استقال من مهمة الدفاع عن الوطن وبقي فقط لنهب ثروات هذا الوطن وإذلال شعوبه فعلى هذا النظام الرحيل ، وإن لم يرحل طواعية على الشعوب العربية التخلص منه . تصرخ الشعوب العربية عبر شوارع المدن العربية يكفي ، يكفينا ذلا وهوانا سببه النظام الرسمي العربي بتواطئه حينا وتحالفه حينا آخر مع الأعداء أيا كانت مسميات العدو . أما آن الأوان لتزول الظاهرة الصوتية العربية الماهرة بالصراخ ولا تفعل شيئا ؟ " أسمع جعجعة ولا أرى طحنا " . وفي الجهة المقابلة هناك معارضة ما زالت عاجزة عن خدش النظام العربي الرسمي وشاخت وهي تردد شعارات الخمسينات وكأن العالم وقف من حولها ، لا بل هي مكمل لهذا النظام البائس في بعض الأحيان ، بعض الأنظمة العربية تتزين بأحزاب المعارضة، كواجهة ديمقراطية للأنظمة ، سواء كانت تحت مظلة جبهة تقدمية أو تحالف أو منفردة ، كيفما كان موقعها وقربها من فلك النظام لا دور لها في القرار السياسي البتة ، شأنها شأن الجمعيات الخيرية أو جمعيات المجتمع المدني التي لا تخرج عن عمل مطلبي وليس مؤكدا أن يلبي النظام مطالبها . بينت الزلازل السياسية التي ألمت بالوطن العربي منذ تسعينات القرن الماضي أننا نفتقد فعلا لمعارضة قوية تملك بدائل ولديها قوة اقتراح فاعلة ، فقوة المعارضة تقوي الدولة ولا يضعفها كما يتصور النظام العربي ، الذي دأب على تسفيه الرأي الآخر ، ويصف من يخالفه الرأي ، وحتى من ينصحه أنه " خائن المسيرة، ويعمل على وهن الأمة ، وعميل للخارج " واتهامات ما أنزل الله فيها من سلطان ولا يعرفها التاريخ السياسي العالمي . وثمة مسألة أخرى في الظاهرة الصوتية ، أن المعارضة تعارض النظام الذي تعارضه حتى لو اتخذ موقفا على صواب في قضية ما ، هذا المنطق ( معارضة للمعارضة ) يدلل أننا لا نمتلك ثقافة المعارضة ، وثقافة اختلاف الرأي ، وثقافة كيف نختلف وكيف نتفق ، كل هذا كشفه العدوان المستمر على الأمة العربية ، فلم يقو أي اجتماع للنظام الرسمي العربي على المصارحة لأجل المصالحة ، وأعتقد لو كان النظام العربي يرى أن مصالحه ترتبط فيما بين الدول العربية لأرغم على فعل ما يلزم حفاظا على مصالحه القومية والقطرية ، لكن مصالح كل قطر مرتبطة بالخارج الذي يدعم بقاءه في سدة الحكم ، وبالتالي عليه تنفيذ رغبات من يدعمه ، كما أن اختلاف مصالح الخارج تنعكس على المصالح العربية كما نرى في الوقت الراهن كل نظام يضمر خنجرا في ظهر نظيره ، وانقسم الصف النظام الرسمي بين معتدل وممانعة وما بينهما ، والواقع لا اختلاف بين هذه التسميات بين من يلعب جهارا وبين من يلعب تحت الطاولة ، فيطفو على السطح التمزق بالصف العربي ، يزيده انقساما الحروب البينية العربية – العربية ، سواء حرب كلامية أو بالسلاح ، والمعارضة لا تختلف كثيرا عن منطق الأنظمة ، فقد لاحظنا الانشقاق الفلسطيني خلال حرب الإبادة في غزة ، ولولا شلال الدماء الفلسطينية ما سكت الفرقاء عن المهاترات تحت وابل صواريخ إسرائيل . آن الأوان لإيجاد قواسم مشتركة بالحد الأدنى للخروج من حالة العجز الراهنة ، فالصراخ لا يصنع برنامج عمل ، ولا يحرر وطنا من الاحتلال ولا ينقذ شعبا من الهوان ، كفى ندبا على الشرعية الدولية وازدواجية المعايير ، فمن الغباء المطالبة بتوحيد المعايير ، لأن هذه المعاير المطلوب توحيدها هي التي تسببت في نكبة فلسطين والنكبات العربية الأخرى المتلاحقة . المعيار الوحيد الذي يسمعه الآخر القوي المحتل ، أن تؤرق عيش، وتقض مضجعه ليل نهار ليعرف أن لا جدوى من البقاء في أرض أخذها عنوة وشرد أهلها وسرق ثرواتها كيف ؟ عندما نقتنع نجد الجواب ونكون مشينا نصف الدرب نحو الاستقلال والحرية . |
المقاومة بسلاح المقاطعة: قاطعوا اليهود !
|
أخي المسلم: إن تعذّر عليك أي فعل أو جهاد مقاوم، فبربّك، على الأقل، قاطع اليهود بكل ما استطعت، وأينما كنت في العالم: ماليا و تجاريا وسياسيا وثقافيا وإجتماعيا وإقتصاديا. وهذا من حقك القانوني الفردي والديمقراطي المشروع. فلا تدعم - بأي طريق، مباشر أو غير مباشر، عدونا اليهودي. وهذا أضعف الإيمان أن تقاطع اليهود وتمتنع من دعمهم كأعداء، سواء بالمال أو بالتعامل التجاري أو السياسي أو الثقافي. وحاول أن تقاطع كل السلع اليهودية وكل الشركات اليهودية وكل المتاجر والمحلات اليهودية. وقاطع أيضا كل خائن يتعامل مع اليهود أو مع تجارتهم وسلعهم ومحلاتهم ومتاجرهم. إن كل ربح تجاري يكسبه منك يهودي قد يذهب كمشاركة منك غير مقصودة للمشاركة في المجهود الحربي اليهودي الإسرائيلي للإستمرار في إحتلال وقتل إخواننا الفلسطينيين كخطوة أولى لإخضاعنا جميعا ولتركيع أمتنا الإسلامية وإذلالها وإستعبادها. |
FRENCH |
ENGLISH |