الإعلان
العربي
لفقدان حقوق الإنسان
بقلم
:
علي حتر
يحتفل العالم بذكرى إصدار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ويحتفل العالم العربي الرسمي مع الأمم المتحدة بذكرى حقوق الحاكم العربي وأعوانه.. ويطلق الإنسان العربي العادي المتفرج على كل ذلك في تلفزيونه وصحفه وإذاعاته.. إعلانا آخر.. مواز لكل ذلك .. إنه إعلان فقدان حقوق الإنسان.. الإنسان العربي حتى يكون له حقوق يجب أن تتوافر فيه صفات خاصة.. لا تتوافر عادة إلا في بعض أفراده.. وحتى لا أكون عنصريا.. فهذا ليس شأن الإنسان العربي فقط، ولكنه شأن معظم الفقراء في العالم الثالث.. وشأن أبنائه المنتشرين عمالا وكادحين من المهاجرين أيضا إلى العالم الأول.. حتى ولو حملوا جنسيات دوله.. وهذه الحقوق التي يمكن أن تعطى لهذا الإنسان.. في الحقيقة ليست حقوقا بالمعنى الذي يحتفل به الإنسان في الميثاق العالمي لحقوقه المزعومة.. الذي أصدره أكلة حقوقه من ذوي الياقات البيض في أروقة الأمم المتحدة.. الإنسان العربي العادي حتى يكون له بعض فتات الحقوق.. يجب أن تتوافر فيه مجموعة من الصفات الهامة.. وهي شروط هامة لا يمكن التنازل عنها.. أولها: ألا يطالب بحقوق.. وأن يقر فعلا أن «لا حقوق له» وأنه غير معني بما هو مذكور في ميثاق الأمم المتحدة الذي لا يساوي عمليا.. حبره ولا الورق المكتوب عليه.. وأن ينفي علمه أصلا بوجود ميثاق لحقوق فصيلته.. عندئذ فقط.. يعطونه بعض الفتات.. مثل حقه في التوظيف عبدا لديهم.. حتى يسد رمق أطفاله.. وحقه في التنازل عن أرضه إذا أرادوا احتلالها.. وعن نفطه إذا أرادوا نهبه.. وعن إنسانيته وحريته إذا أرادوا وضعه في أبو غريب أو غوانتانامو وسجون المخابرات العربية المنتشرة على كامل الأراضي العربية من المحيط إلى الخليج.. وما أكثر سجوننا.. المسألة ليست فقط في عدم قابلية هذا الميثاق للتطبيق علينا في عقول حكامنا.. وعقول أدوات حكامنا الجاهزة دائما لحرماننا من التمتع ببعض هذه الحقوق.. ولكنها أيضا في وجود موقف منا ومن إخراجنا عمدا من حلقة الإنسان المقصود في ميثاق الأمم المتحدة.. والأخطر من ذلك.. موافقة حكامنا المعلنة تطبيقا، والخفية رسميا، على أننا لا نستحق أن نكون ضمن حلقة الذين تسري عليهم محتويات هذا الإعلان العالمي واسمحوا لي أن أسميه الإعلان الكاذب المشؤوم... والذي هو بحد ذاته غير ملزم لأحد.. قانونيا.. إنه في الحقيقة أمام ما يجري في بلادنا «ضحك على اللحى».. وما أكثر لحانا المضحوك عليها.. لكل البشر وطن لهم حق الدخول والخروج منه بحرية.. عدا الفلسطينيين العرب.. وهؤلاء لهم بدل ذلك حق التهجير والطرد من وطنهم بموافقة الحكام العرب.. وحق عدم التفكير بالرجوع إلى وطنهم.. للعراقيين حق الخروج والانتشار في الأرض.. وليس لهم حق العودة إلا بشرط قبول الاحتلال والخضوع له.. الإنسان العالمي له الحق في تقرير مصيره وفي حمايته من أي تعذيب أو أذى جسدي أو توقيف أو تهديد لسلامته، تماما كما حدث في فلسطين والعراق وجنوب لبنان تحت احتلال حماة حقوق الإنسان وبقيادة أتباعهم وعملائهم.. والإنسان العالمي له حق المساواة وحق الحصول على أجر عادل في العمل.. وله الحق في تقلد المناصب العامة (المحجوز معظمها في بلادنا العربية لضمان الولاء).. السطور الأولى مما يسمونه ديباجة الميثاق العالمي لحقوق الإنسان.. تتكلم عن كرامة الإنسان التي تنتهك يوميا.. في بلادنا العربية.. المحتل منها خارجيا.. والمحتل منها من عائلات الإقطاع السياسي التي تتوارث مواقع السيطرة، التخطيطية منها والتنفيذية منها بالوراثة.. هناك الكثير الكثير.. ولكنني حتى أتمكن من حل مشكلة المساحة المخصصة للكتابة.. أقترح إضافة لازمة.. كلازمة الأغاني وأهديها للحكام العرب وأسيادهم.. ليضيفوها في ذيل كل بند من بنود ميثاق حقوق «الإنسان العالمي».. وهذه اللازمة تتكون من تسع كلمات فقط: «إلا إذا كان إنسانا عربيا عاديا أو من أشباهه..». وبهذه اللازمة يصبح فعلا للميثاق العالمي لحقوق الإنسان معنى.. وعندئذ نشارك العالم وحكامنا بالاحتفال بإصدار هذا الميثاق. |
FRENCH |
ENGLISH |