Radio
Islam - Ahmed Rami - راديو إسلام
-
أحمد رامي
-
Morocco - Maroc -
-
Hweidi - Hou
HOME-
Islambouli
عندما
تسود الخيانة و يعم الفساد و تكم الأفواه
لا يبقى الا ما فعله خالد الاسلامبولي و رفاقه
...
|
مــا الــحــل ؟
مقالات للكاتب
فهمي هويدي
عرفته الصحافة
العربية كاتباً ومفكراً يحمل هموم الأمة الإسلامية والعربية، واستطاع بقلمه
أن ينفذ عبر كل العصور
محللاً ومفكراً له آرائه الصادقة المعبرة عن نبض الأمة
دون خوف أو انكسار،إنه الكاتب والمفكر فهمي هويدي |
ما هي بذور
و منابع الشرو
"الإرهاب"؟
ما بالنا قد
استبشعنا قتل العراقيين اثني عشر نيباليا, في حين أنهم في بغداد يتلقون
من الأمريكيين دروسا يومية في القتل؟, وما بال الإعلام قد سلط الضوء
علي قتل النيباليين ومر مرورا سريعا علي قتل 34
عراقيا في اليوم ذاته,
وكأن الجريمة الأولي هي الخبر بينما الثانية صارت من مشاهد الحياة
العادية في العراق الجديد!
(1) أخشي
ما أخشاه أن يسهم إيقاع الأخبار في تضليلنا, عن
طريق تكثيف التركيز علي الحوادث اليومية, بما
يصرف الانتباه عن منابع الشر وجذوره, ذلك أن
الأخبار التي يبثها التليفزيون بوجه أخص تجعلنا
نستغرق في الحدث عبر العيش في تفاصيله الآنية
المثيرة, خصوصا اذا اقترنت بالصور وشهادات
الشهود, وعادة ما يقدم البث اجابات على بعض
أسئلة اللحظة: من ومتي وكيف وأين وغير ذلك,
ولان عرض الخبر لا يستغرق سوي ثوان معدودة, فإنه
في الأغلب لا يتطرق الي اجابة السؤال الأهم:
لماذا؟. بسبب من ذلك فإن المشاهد يظل أسير
انطباعات اللحظة, فينقم مثلا علي العراقيين
لأنهم قتلوا النيباليين أو غيرهم من الرهائن,
الذين يقعون بين أيديهم, وبسبب بشاعة الحدث فإنه
لا يتاح له أن يفكر في غير ذلك, فلا يخطر علي
باله مثلا أن يتساءل: لماذا يتصرف العراقيون علي
ذلك النحو؟ ولماذا عمت الفوضي البلاد وانفلت فيها
عيار الأمن؟ ولماذا جاء النيباليون الي العراق؟ ـ
وينتهي الأمر بالمشاهد وقد أحاط بالخبر دون
خلفياته, الأمر الذي ينقل إليه الصورة مبتسرة
ومنقوصة. لست في مقام نقد الأداء التليفزيوني,
لان ما نسجله عليه هو من طبيعة البث الاخباري
فيه, حيث يقدم الخبر مكثفا ومختزلا عند آخر نقطة
في الحدث, في حين أن عرض الخلفيات والجذور يفترض
أن مكانه ومجاله في برامج أخري, لكنني فقط أردت
أن أنبه الي المزالق التي نستدرج إليها حين نعكف
علي قراءة الأحداث والأخبار من خلال الإلمام
بوقائعها المستجدة دون خلفياتها.
لا
لوم علي البث الإخباري إذن إن كان محايدا بطبيعة
الحال, ولكن الأمر لابد أن يختلف حين نكون بصدد
التحليل والتعليق, الذي يقع في المحظور إن هو
انطلق من قراءة الأخبار معتمدا ذات النهج, وهو
ما ينم عن حالة من الكسل العقلي الخطر, اذا
أحسنا به الظن, ومن أسف أن هذه الحالة منتشرة في
كتابات بعض الزملاء, اذ الملاحظ أنه ما ان يقع
حادث من ذلك القبيل, الذي نحن بصدده, حتي
تنطلق في أعمدتهم وزواياهم أصوات الصراخ والعويل
والتنديد التي تنم عن تسرع وخفة, واذ يكتفون
بذلك, فإن أحدا من أصحاب تلك الأصوات لا يحاول
أن ينورنا بالاجابة عن السؤال: لماذا وقع
الحادث, وما الذي أوصل الأمور الي ما وصلت
إليه؟
(2)
الأسبوع الماضي كان
دمويا بامتياز, في داخل إسرائيل تمت عمليتان
استشهاديتان أدتا الي مقتل16 إسرائيليا وجرح
أكثر من سبعين آخرين, وفي العراق تم قتل12
نيباليا وثلاثة أتراك, وفي اوسيتيا الشمالية تم
قتل230 شخصا بينهم عدد كبير من الأطفال, في
عملية اقتحام مدرسة روسية استولي عليها متمردون
شيشانيون. في خلفية كل واحد من تلك الحوادث,
يقبع مشهد دموي آخر, فقتل الإسرائيليين ليس
منفصلا عن واقع الاحتلال الوحشي وممارساته
اليومية, التي تستهدف تدمير حياة الفلسطينيين
بإذلالهم واقتلاعهم من أرضهم, وفي العراق هناك
واقع الاحتلال الذي أهان الشعب العراقي وأذله,
ففجر في أعماقه غضبا يزداد يوما بعد يوم, خصوصا
في ظل القصف الصاروخي اليومي لبعض المدن, ومع
استمرار اعتقال الآلاف وتعريضهم لصور مروعة وفاحشة
من التعذيب, الذي تكشفت بعض ممارساته في سجن
أبوغريب, وفي الشيشان قهر روسي اقترن بقسوة
بالغة, أذلت بدورها كبرياء ذلك الشعب المسلم
الأبي, الذي يرفض الخضوع للهيمنة الروسية منذ
منتصف القرن التاسع عشر, ولم يترك فرصة إلا
وانتفض ضد الروس وقاتلهم, وقد استجاب الرئيس
يلتسين لرغبتهم في الاستقلال بصورة نسبية, إلا
أن الرئيس الحالي بوتين سحب كل ما أعطاه يلتسين,
وقرر مواصلة اخضاعهم لسلطة موسكو بالقوة
العسكرية.
والأمر كذلك, فلسنا نبالغ اذا
قلنا ان الدم الذي اريق طيلة الأسبوع الماضي في
البقاع الثلاث, هو نتاج مشاهد من العنف والقهر
واهدار الكرامة الإنسانية, التي هي في حقيقة
الأمر بمثابة ارهاب اخضعت له الشعوب في العراق
وشيشينيا وفلسطين, استنبت عنفا مضادا وصل الي
مرحلة العبث والجنون في العراق وروسيا, وهو ما
تجلي في قتل الرهائن أو ذبحهم في العراق, وترويع
الأبرياء واستسهال التضحية بحياة المدنيين
الروس, الذين لا علاقة لهم بالاحتلال من قريب أو
بعيد. صحيح أن الوضع في فلسطين مختلف, من حيث
الخصوصية التي يتسم بها الوضع في إسرائيل, إذ
نحن بصدد شعب مسلح اقتلع بالقوة شعبا آخر من
أرضه, وأصر علي تأبيد تشريده وإذلاله واغتيال كل
أحلامه, وهذا الشعب أقام في فلسطين دولة أشبه
بالمعسكر, يتوزع القادرون فيها من الرجال
والنساء بين مقاتل علي الجبهة يحمل السلاح,
ومقاتل في الاحتياط ينتظر النداء, الأمر الذي
أزال الفواصل بين العسكري والمدني, وشكل حالة
فريدة لا مثيل لها في التاريخ الحديث, هي أسوأ
بكثير من النظام العنصري الذي قام في جنوب
افريقيا, من حيث أن المستعمرين البيض هناك
اقتسموا الأرض مع أبناء البلد السود وأذلوهم
حقا, ولكنهم علي الأقل لم يقتلعوهم من أرضهم كما
هو الحاصل في فلسطين. وبرغم الاختلاف القائم
مثلا بين طبيعة المجموعات الاستشهادية في
فلسطين, وبين الأرامل المتشحات بالسواد في
شيشينيا( اللاتي قام الروس بقتل أزواجهن),
وبين الاثنين وبين المنظمات التي تنسب الي
المقاومة في العراق, إلا أن القاسم المشترك
بينهم ـ أكرر ـ يتمثل في أن الجميع خرجوا من رحم
ارهاب تعرضت له شعوبهم من جانب قوي مستكبرة
وقاهرة.
(3)
هذه الخلفية لا تبرر أية تصرفات حمقاء, أو
ممارسات بشعة تمت باسم المقاومة, وانما تسهم في
تفسيرها علي الأقل, من ثم فإدانة الحماقات
والبشاعات مقطوع بها ومفروغ منها, لكن فهم
خلفياتها ضروري أيضا. لا مفر من الاعتراف في هذا
الصدد بأن تلك الممارسات العبثية والبشعة, أساءت
كثيرا الي مفهوم المقاومة, بقدر ما أنها شوهت
صورة الإسلام والمسلمين, ذلك أننا نفهم المقاومة
الوطنية باعتبارها كل تحد أو مقاتلة للاحتلال
بمختلف عناصره وأدواته وأعوانه, وفي هذا الإطار
استقبلت الكلام الذي صدر أخيرا عن الشيخ يوسف
القرضاوي, ذلك انه حين تحدث عن مقاتلة
الأمريكيين ردا علي سؤال في نقابة الصحفيين
المصريين, فإنه لم يعمم هذا الحكم ولم يطلقه
بغير قيد ولا شرط فلم يكن يعني الأمريكيين
بعامة, وهو ما أدان واستهجن أحداث سبتمبر وقتل
الأبرياء في نيويورك, وانما كان يقصد أولئك
النفر من الأمريكيين الذين جاءوا غزاة ومحتلين
للعراق, من ثم فكلامه منصب علي دائرة الاحتلال
ومحيطه, بصرف النظر عما اذا كان الذين يتحركون
في تلك الدائرة من العسكريين المحتلين أو
المدنيين, الذين يعاونون في التمكين لهم, من
رجال الاستخبارات أو الإدارة مثلا, أما كل من
خرج عن تلك الدائرة حتي وإن كان أمريكيا فلايدخل
ضمن المحاربين, وبالتالي فلا ينبغي أن يمس
بسوء, وانما تحفظ له كرامته, فضلا عن حياته
بطبيعة الحال. وأذكر هنا بأننا أبناء ثقافة علمت
المسلمين أن كل مخلوق له كرامة, بصرف النظر عن
دينه أو عرقه, وأن العداء لا يبرر الظلم, وان
قتل الانسان بغير حق بمثابة عدوان علي البشرية
كلها, بل وكأنه قتل للناس جميعا, وهذه ليست
استنتاجات أو اجتهادات من عندي, ولكنها تعاليم
وتوجيهات منصوص عليها صراحة في القرآن الكريم.
انطلاقا من هذه المرجعية, فاحسب أنه غني عن
البيان, أن قتل الرهائن أو التمثيل بجثثهم يعد
عملا وحشيا لا يقره ضمير ولا عرف وقبلهما الدين,
وهو عدوان علي حق الحياة فضلا عن اهداره لحق
الكرامة المكفول شرعا به عدوان علي حق الله,
باعتبار أن الحفاظ علي النفس من المقاصد الضرورية
للشريعة, باتفاق فقهاء الأصول.
(4)
حين انفضح أمر تعذيب العراقيين في السجون بواسطة
الضباط والجنود الأمريكيين, كتب المحلل السياسي
الأمريكي القدير وليام فاف مقالا تحت عنوان:
السبب الحقيقي وراء تلك الانتهاكات, استهله بطرح
السؤال التالي, الذي وصفه بأنه حرج: الي أي
مدي كان لسياسات إدارة( الرئيس) بوش دور في
تشكيل ذهنية الجنود الأمريكيين وأرواحهم المعنوية
علي نحو جعل الطريق أمامهم مفتوحا علي تعذيب
الأسري العراقيين وانتهاك آدميتهم, بل وقتل
بعضهم دون وجه حق في بعض الحالات؟في الإجابة علي
السؤال, أجاب( في النص الذي نشرته مجلة المجلة
اللندنية في5/22) بما يلي: لقد أظهرت إدارة
بوش منذ بداية مجيئها, حتي قبل أحداث سبتمبر,
عداء واضحا صريحا للقانون الدولي والمعاهدات
الدولية, التي تري فيها من وجهة نظرها قيودا علي
سيادتها أو عوائق أمام مصالحها, في حربها ضد
أفغانستان, اكتفت الإدارة الأمريكية بشحن الأسري
الي خارج البلاد, وزجت بهم في معتقل
جوانتانامو, دون أن تمعن النظر والتحقيق في
ملفاتهم, دون الالتفات, ولو بحجم بعوضة, الي
الأعراف والمعاهدات الدولية المتفق عليها في جنيف
حول أسري الحرب, واللوائح التي وضعتها القوات
الأمريكية بشأن تعاملها مع هؤلاء الأشخاص لم تنظر
إليهم علي أنهم أسري حرب,, بل اعتبرتهم, وفق
التوصيف الرئاسي: مقاتلين أعداء, ونقلت
الإدارة الأمريكية بعض الأسري الأفغان, وآخرين
وقعوا أسري حروب قالوا عنها انها ضد الإرهاب,
الي بلدان مختلفة.. وقال المسئولون حينها
للصحافة, بعين تضحك وأخري تغمز, ان سبب نقل
الأسري خارج الولايات المتحدة يعزي الي إمكانية
وضعهم تحت آلة التعذيب, ومرة أخري, جاء رد فعل
الرأي العام الأمريكي, صحافة كان أو دوائر
سياسية, باهتا غير فاعل, وفي أفغانستان, ومن
بعده العراق, كان السبب الذي أذاعوه حول مساهمة
مدنيين, بعقود, في أعمال الاستخبارات
والتحقيقات مع الأسري, هو أن هؤلاء المدنيين لا
يخضعون للنظم العسكرية, ومن ثم يكون سهلا علي
المسئولين الأمريكيين انكار مسئولية الاخطاء التي
ستقع حتما من جانب المحققين في حق المتهمين.
كانت
كل هذه الاتجاهات بمنزلة الدعامة التي ارتكزت
إليها ضغوط الإدارة الأمريكية, في التعامل بعنف
مع حركة تغيير الحكومات, والتصدي لما اسمته
بالدول المارقة, علي حد وصف الرئيس الأمريكي
ونائبه, التي تهدد الولايات المتحدة بأسلحة
الدمار الشامل, وعليه, ظهرت المناداة بالهجوم
علي العراق قبل فوات الأوان, أما الذين يعارضون
الولايات المتحدة في طريقة تعاملها مع العراق,
أو في أي مكان في العالم, فمن الواجب قتلهم
والتخلص منهم بأي طريقة, ذاك ما ردده مرارا
وتكرارا وزير الدفاع دونالد رامسفيلد. في الوقت
ذاته, شرعت الإدارة الأمريكية في توظيف لغة جاءت
مفرداتها من قاموس الإذلال والاهانة, لوصف كل من
يبدي معارضة لسياسات الولايات المتحدة, ومن هذا
التعالي وتلك الغطرسة, كانت الرسالة التي وصلت
الي الجنود الأمريكيين الذين يقاتلون هنا وهناك,
مفادها أن القوانين والأعراف الدولية باتت
معلقة( أو محدودة النطاق) مادموا أنهم في
مهمتهم تلك المسماة تحرير العراق. في هذا
المنحي, من الممكن الزعم بأن إدارة بوش قد أوجدت
حالة من التأهب, ونزعة للمبادرة, وروحا عدائية
للأعراف التقليدية للسلوك العسكري, وموقفا محددا
إزاء العراق وأفغانستان والإرهابيين الإسلاميين
الآخرين, الأمر الذي فتح الباب أمام ارتكاب تلك
الانتهاكات والمجازر النفسية البشعة.
(5) في هذا النص, لم يبريء ويليام فاف
الجنود الأمريكيين الذين ارتكبوا الجرائم في سجون العراق, ولكنه في
تفسير سلوكهم,أضاف أن الإدارة الأمريكية علي لائحة الاتهام, باعتبار
أنها شاركت في الجرم من خلال السياسات والانتهاكات التي مارستها, وبما
أفضت إليه تلك من غرس لبذور العنف واذكاء لروح الاستهانة بحياة
الآخرين, وبالقوانين والأعراف الدولية. هي شهادة تهمنا في السياق
الذي نحن بصدده, من حيث أنها تسلط الضوء علي منابع الارهاب وليس
ممارسته فقط, والعلاقة بين الاثنين في مثل علاقة المحرض والفاعل, ومن
أسف أن إدانة العمليات الإرهابية في خطابنا الإعلامي تقف عند حدود
الفاعلين, لكنها تتجاهل وتغفل دائما مسئولية المحرضين, الأمر الذي لا
يعبر فقط عن خلل في الرؤية, وانما يضعنا أيضا أمام مفاجأة لا تخلو من
مفارقة, خلاصتها أن الحرب ضد الإرهاب أكبر بكثير من الذين يتصدون
لها, لأن هؤلاء أنفسهم هم الذين يروجون لثقافة الإرهاب ويغرسون
بذوره. والأمر كذلك, فإن الحرب ضد الإرهاب لن تنتهي ولن يتحقق فيها
النصر المنشود, ما لم تقتلع بذوره وتجفف منابعه وتستأصل التربة التي
ينمو فيها, وتلك مشكلة اذا عجزنا عن حلها فلا أقل من أن نفهمها.