عندما تسود الخيانة و يعم الفساد و تكم الأفواه لا يبقى الا ما فعله خالد الاسلامبولي و رفاقه ...
هذه مصادفة دالة وكاشفة، ففي اسبوع واحد تقرر تجميد الخطة الاعلامية
العربية التي وضعت لكشف حقيقة الممارسات الاسرائيلية امام الرأي العام
العالمي، بسبب العجز عن توفير مبلغ عشرين مليون دولار اقترحت لتمويلها، في
حين اعتمدت احدى لجان الكونغرس الاميركي مبلغ 245 مليون دولار لتمويل خطة
اعلامية اخرى لغسل ادمغة العرب من خلال مشروع جديد للبث التلفزيوني
والاذاعي باللغة العربية.
|
وسط سحب الحرب والتضليل الإعلامي: مراقبة الإعلام.. كيف تبطل سحر الآلة الإعلامية؟ |
|||||||||||||
2003/03/31 |
داليا يوسف** |
||||||||||||
الجريدة الصباحية التي تتصفحها
يوميا قد تحمل ما يتفق أو يختلف مع قيمك وقناعتك، وأحيانا مع جانب من الحقائق
التي تدركها، وقد يأتي ذلك في أشكال مختلفة مباشرة (في مقال رأي أو تحليل
أو...)، أو بشكل غير مباشر (في إعلان أو تعليق على صورة أو...). البرنامج
الإذاعي أو التلفزيوني الذي تتعرض له قد يمثل الأمر نفسه؛ فهل فكرت في
التفاعل بشكل مختلف مع هذه المتابعات حتى تعدل من أداء الوسائل الإعلامية
المختلفة؟!
هذا جانب أصيل مما تقدمه تجارب
كثيرة، منها تجربة "شبكة التقرير الإعلامي"Media Review Network، وهي التجربة
التي تعرفنا عليها في جنوب أفريقيا، والتي أنعش ذاكرتي ودفعني للكتابة عنها
بيان الصحفيين المصريين الذي صدر مؤخرا احتجاجا على التغطية الإعلامية للحرب
ضد العراق في جريدة الأهرام، والجدل الذي ثار -رغم حرج اللحظة التي نمر بها-
حول تغطية بعض الصحف الرسمية والقنوات الفضائية، بما يدفع للتحليل والمراجعة.
وتجربة "شبكة التقرير الإعلامي"
MRN باختصار تتعامل مع ما يعرف "بالمراقبة الإعلامية".. التي ربما تفرضها
اللحظة التي نعيشها مع غيرها من تجارب يمكن أن تجعلنا أكثر قدرة على التأثير،
وهو ما نحتاجه أكثر من أي وقت مضى.
لقد ذكر أحد الخبراء الإعلاميين
أنه يجب اعتبار الإعلام والاتصال "كوسيلة للتغيير قابلة للتغيير".. ماذا يعني
ذلك؟!
يعني أن الإعلام والاتصال.. هذا
القطاع الهائل له قدرة فائقة على تشكيل الوعي وإدارة المواقف، بل إن البعض
قال: "إن الاتصال بات من أدوات الصراع فيما بين الدول، ناقلا لعناصر القوة في
الدول وعاكسا لها"، هذه القدرة الفائقة على التأثير يمكن التعامل معها
والتأثير فيها إذا ما أخلت بالدقة والموضوعية، أو أضرت بمصالح وقيم البعض؛
وهو ما يمكن أن يحدث إذا ما قرر هؤلاء المتضررون أن يؤثروا في المعالجة
والتغطية، ويكونوا شركاء فاعلين في الرسالة الإعلامية التي تصلهم.
يستطيع كل منا أن يصبح مثل أبطال
الروايات الأسطورية، ويبطل مفعول الساحرات، ويحرر البشر.. يحررهم من سحر
الآلة الإعلامية التقليدية التي قد تصل إلى درجة من السيطرة تسلبنا القدرة
على الفهم والتحليل.. بل تمنعنا من الوصول إلى معلومات صحيحة في بعض الأحيان؛
لنظل مستلقين أمامها نتلقى يوما بعد يوم الرسائل باتجاه واحد غير عابئين بما
تحدثه هذه الرسائل من تغيير في تصوراتنا ومفاهيمنا عن أنفسنا وعن الآخرين، بل
إننا أحيانا لا نلتفت إلى قدرتها على تهديد مصالحنا.
وهنا تبرز التجربة لتقول: إنه
يمكننا ممارسة هذه المراقبة لوسائل الإعلام.. ليس بالمعنى المعهود المقيد
للحريات، وإنما بما يفترض من تفعيل لدورنا كمتابعين وينقلنا من التلقي السلبي
إلى التلقي الإيجابي وبما يراعي المصالح ويحافظ على القيم.
الدخول إلى
التجربة
مكتب بإحدى البنايات الصغيرة في
بريتوريا بجنوب أفريقيا ما إن تدخل إليه حتى يستلفت نظرك الكم الكبير من
الملصقات والمعلقات التي ضمت رسوما كاريكاتورية.. مقالات.. تعليقات أغلبها
متعلق بالقضية الفلسطينية، وبالعقوبات المفروضة على العراق (الآن حرب مفروضة
عليها)، وبوضع المسلمين في جنوب أفريقيا... وقضايا أخرى عديدة عن العدالة
الدولية.. عدد كبير من شرائط الكاسيت والفيديو للقاءات تلفزيونية ومؤتمرات
عامة.. عدد من أجهزة الكمبيوتر.. خزانة ممتلئة بكتب عديدة من تجارب التحرر
الوطني إلى مقارنة الأديان.. فريق من العاملين عدده محدود، لكنه يملك وجوهًا
تحمل قدرا عاليا من الود ونبرات صوت تمتلئ حماسة..
كان هذا هو
مكتب "شبكة التقرير الإعلامي" Media Review Network "أكثر من مليون مسلم
يعيشون في جنوب أفريقيا، في الماضي -وبشكل مستمر- كان الإعلام يرسم صورتنا:
من نحن؟ وماذا نمثل؟ ليقدمها للمجتمع بجنوب أفريقيا، وبذلك ففي كثير من
الأحيان تعرضت آراؤنا ومواقفنا السياسية بل مصالحنا الإستراتيجية للتجاهل أو
للتشويه.. إننا في شبكة التقرير الإعلامي وعبر عدد من الأفراد بالتعاون مع
بعض مراكز البحث نعتقد أنه من الضروري وسط التغير السياسي والاجتماعي
المتلاحق في جنوب أفريقيا ألا تتوه حقيقة الإسلام وسط تلميحات غير دقيقة أو
تجاهل.. وكمسلمين فإننا نحتاج إلى أن نعرض آراءنا ووجهات نظرنا بشكل يومي
وبإيقاع منتظم روتيني وليس كاستثناء، وطموحنا أن نبدد الأساطير والقوالب عن
الإسلام والمسلمين، وأن نبني جسورا للتفاهم. إن حضورا دائما لوجهة نظر
المسلمين في القضايا المؤثرة بجنوب أفريقيا شرط لفهم وتقدير أكبر للإسلام".
كانت هذه هي مقدمة التعريف
بالشبكة.. فالتحدي الذي يواجه المسلمين بجنوب أفريقيا يتمثل في كونهم أقلية
(ساهمت في النضال والتحرر الوطني بما أكسبها ثقلا واحتراما) قد يسلمها
الاعتماد على الصورة التي يقدمها الإعلام لهم إلى سوء الفهم أو التهميش،
وبينما نجح المسلمون هناك في إيجاد بنية تحتية قوية من المؤسسات والمساجد
والمدارس؛ فقد بقيت الحاجة إلى ما يواجه التحديات التي يمثلها النظام
الإعلامي المعقد.
المزيد عن
الأهداف
"نعم.. إننا نهدف إلى مراقبة
وتحليل، وأحيانا تصحيح التشويهات المتعلقة بالإسلام والمسلمين في وسائل
الإعلام، وهذا التقرير الإعلامي الذي تتخذ الشبكة منه اسما لها.. قد يأخذ شكل
التقارير الدورية إلى المؤسسات الإعلامية في جنوب أفريقيا أو الشكاوى
والرسائل بشكل مباشر إلى الصحف ومحطات الإذاعة والتلفزيون".
هذا ما أجاب به "إقبال جازت" رئيس
شبكة التقرير الإعلامي MRN حينما سألته عما تصدره الشبكة من تقارير وتعليقات.
ربما كانت هذه هي الأجواء والدوافع
لتجربة "شبكة التقرير الإعلامي" بما دفعهم للتركيز على التغطيات والصور
الإعلامية التي تقدم للإسلام والمسلمين، ومواجهة ما يعرف بـ"الإسلاموفوبيا"
أو "الرهاب من الإسلام"، سواء ما يتعلق بالشأن المحلي وشئون الأقلية المسلمة
هناك أو معالجة القضايا ذات البعد الدولي، مثل القضية الفلسطينية أو الأزمة
العراقية أو كشمير أو... بتقاطعها مع رسم صورة الإسلام والمسلمين.
وبالطبع فقد يرى البعض أنها أجواء
تتسم بخصوصية الوضع هناك في جنوب أفريقيا؛ فماذا عن التكنيك والوسائل التي
تستخدمها "شبكة التقرير الإعلامي"، التي يمكننا الاستفادة المباشرة منها.. كل
وفق ظروفه وقضاياه التي تستوجب المتابعة!
تحول إلى مراقب
المجموعة التي تعمل في الشبكة -وهم
من خلفيات ومهن مختلفة- تراقب الصحف اليومية والأسبوعية في مكتبها، محددة
قضيتها ومتتبعة أشكال معالجتها.. كما قاموا بتشكيل شبكة من المتابعين للبرامج
الإذاعية والبرامج الإخبارية والتلفزيونية والأفلام الوثائقية والتسجيلية، مع
تشجيع العامة والمتخصصين للاستجابة مباشرة للتعليق على برامج الإذاعة
والمقالات الصحفية.
ويقول إقبال جازت: إن الاتصالات
الشخصية مع الشخصيات المحورية -على سبيل المثال من مقدمي وأشهر الضيوف في
البرامج التلفزيونية والإذاعية.. والمحررين والصحفيين- تقيم شبكة قوية ندعمها
بالقراءات والمواد والمعلومات اللازمة.. ويكمل جازت: أستطيع أن أصف هذه
الشبكة بأنها غير رسمية، وبأنها تؤكد قيم الصداقة وبناء الثقة بين الجميع.
تتعدى أنشطة الشبكة في هذا الشأن
إلى المشاركة في البرامج الإذاعية والتلفزيونية (اللقاءات والمناظرات)،
وترتيب برامج تلفزيونية للناشطين والمتحدثين محليا ودوليا، وإصدار البيانات
الصحفية.. ومن جانب آخر تقوم الشبكة بتكوين ما يمكن أن نطلق عليه "جماعات
الضغط الإعلامي" Lobbying؛ وذلك بتأسيس مراسلات مع الإدارات الحكومية،
والجماعات الطلابية، وجمعيات المجتمع المدني، والأحزاب السياسية، والجمعيات
الأهلية، والمؤسسات الإعلامية الأخرى. ويتم إعلام هذه الأطراف وإمدادها
بتحليلات وتقارير الشبكة عن الأحداث الجارية والأوضاع السياسية والقضايا
الساخنة مثل فلسطين والعراق.
شبكة مراقبة في
كل مكان
"شبكة التقرير الإعلامي" لم تكتفِ
بعرض تجربتها، وإنما حاولت نشرها وتصديرها؛ فتحت عنوان "كيف يمكنك أن تؤسس
"شبكة تقرير إعلامي" في منطقتك؟" جاءت الخطوات التالية:
1- كون مجموعة مهتمين من الأفراد
أو الطلاب أو...
2- اقرأ جريدة أو اثنتين، ودقق
النظر في المعلومات التي تحمل نزعة ضد الإسلام -بالطبع يمكن أن تحل أي قضية
أخرى تهتم بها محل "الإسلامفوبيا"- ويمكن ذلك عبر متابعة كلمات مفتاحية لنشر
صور ذهنية سلبية وقوالب جامدة مثل: "الأصوليين، المتطرفين، الإرهابيين، قهر
المرأة..."، وهذه الكلمات تعطي دلالة على التحيز.
3- اجعل نفسك على دراية بحقائق
قضايا محيطة وملحة بمتابعتك الأساسية؛ وهو ما يعني هنا قضايا مثل: القضية
الفلسطينية، كشمير، أفغانستان...
4- قم بزيارة المواقع الإلكترونية
التي تحمل مشاريع مماثلة.
5- حاول الاستجابة للمقالات التي
تسيء إلى فكرتك، ولتكن هذه الاستجابة مؤسسة على معرفة.
6- استحضر الآية الكريمة: {ادعُ
إلى سبيلِ ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن}، وذلك قبل أن
تتوجه بالاتصال أو مخاطبة أي من رؤساء التحرير أو المسئولين الإعلاميين
لتخاطبه بعد ذلك بالأدب والحزم في آنٍ واحد لتعديل الخطأ أو الإساءة.
7- هاتف الإذاعة أو التلفزيون إذا
توفرت لديك المعرفة عن القضايا التي تتم مناقشتها.
8- أرسل فاكسا أو رسالة إلكترونية
لمراسلي "شبكة التقرير الإعلامي" للدعم والتوثيق والتشبيك.
9- ادفع الآخرين في محيطك وفي
المدارس لفحص المجلات والجرائد، وإرشادهم لمتابعة قضايا الإسلامفوبيا (أو أي
من القضايا الأخرى التي تعنى بمتابعتها).
10 - إن التكلفة والمتطلبات لهذه
المهمة لا تشكل الكثير: جرائد.. فاكس.. جهاز كمبيوتر واتصال بشبكة الإنترنت.
كانت هذه هي الخطوات التي اقترحها
نشطاء "شبكة المراقبة الإعلامية" لتكرار التجربة، وحينما سألت "جازت" عما
نحتاجه حقا لتحقيق أهداف هذه التجربة، قال: "تحتاجون إلى جماعة من المهتمين
والمؤمنين حقا بالفكرة، ثم مكان (مكتب) للمتابعة.. وكلما تمت الممارسة ازدادت
المعرفة بالعوامل المؤثرة في صناعة الميديا".
ماذا عنا؟
مراقبة الإعلام كوسيلة للتغيير
والتطوير بدأت تظهر لها نماذج قوية -رغم قلتها- على الصعيد العربي بما يجعلها
أكثر تماسكا وتأثيرا من مجرد الاعتراض أو التعقيب على معالجة إعلامية
بالإرسال في مساهمات الزائرين أو بريد إحدى الصحف. واللافت للنظر أن تتعدد
القضايا التي يمكن مراقبتها بدءًا من الشأن الاجتماعي الأخلاقي، مثل تجربة
المجموعة الإلكترونية التي تابعت، وضغطت لوقف
إعلان "إيزي موزو"، الذي استفز الكثيرين، مروراً بقضايا تتعلق بالشأن
السياسي والأمن العربي، مثل طبيعة التغطية التي قامت بها "الأهرام" (خاصة في
الأيام الأولى للعدوان على العراق)؛ وهو ما دفع عددا من الصحفيين إلى مراجعة
جريدة الأهرام في البيان الذي أصدروه.
وإذا كان هذا البيان قد أعده
مهنيون محترفون؛ فإن عددا من المشاهدين قد تابعوا وراقبوا القضية نفسها،
واستفزتهم إحدى حلقات برنامج "ماسبيرو" الذي يُعرض على القناة الأولى
بالتلفزيون المصري في حلقة خصصت عن العدوان على العراق، ومناقشة أشكال
مواجهته، وكان الضيوف حديثهم مخيبا للآمال، ومناقضا للرأي العام العربي بما
دفع عددا من المشاهدين لإرسال رسالة إلى البرنامج، وتم وضعها على موقع
petition online لجمع التوقيعات عليها، وانتهاءً بقضية محورية كبرى، مثل
"القضية الفلسطينية" التي خصص عدد كبير من جماعات الاهتمام مواقع لمراقبة
المعالجة الإعلامية للقضية؛ ليأتي أغلبها باللغة الإنجليزية مراقبا لوسائل
الإعلام الغربية في هذا الصدد، ومنها: هذه التجارب جميعها تحتاج إلى الدعم والتطوير؛ فإلى هؤلاء جميعا وإلى كل مهتم نُهدي ترجمة عربية لكيفية بناء مشروع للمراقبة الإعلامية تحت عنوان "كيف تؤثر في الصحافة؟" How to impress the press.
يمكنهم الاطلاع عليه والتعديل وفقا
للظرف والقضية (شأن اجتماعي، أخلاقي، سياسي، اقتصادي، صحي...)، وللوسيلة التي
يتم متابعتها (إعلام محلي، أجنبي أو إعلام مرئي، مسموع، مكتوب...) وللأداة
المستخدمة في المراقبة (الرسائل البريدية، الإلكترونية، الاتصال التليفوني،
الزيارة الشخصية...).. يمكننا هنا أن نتبادل الخبرات مع الجميع، وأن نفتح
أعيننا وآذاننا على التجارب المختلفة؛ فلنبدأ..
|
إذاعة الغد تواجه
"مرك بر أمريكا"
(*) |
|||
2003/01/12 |
مطيع الله تائب** |
||
"راديو فردا
راديوي نسل فردا"، "بهترين آهنكهاي إيراني وغربي از راديو فردا"، "بهترين
آهنكها وآخرين خبرها از راديو فردا".. هذه الإعلانات تتخلل صخب أغاني البوب
الأمريكية والإيرانية ونشرات الأخبار التي تذيعها إذاعة "فردا" (الغد
الأمريكية باللغة الفارسية) وهي موجهة للشباب الإيراني، وقد بدأت بث برامجها
الخميس 19-12-2002 من العاصمة التشيكية براغ.
الإذاعة كما
تعبر عنها إعلاناتها إذاعة الجيل القادم "إذاعة الغد إذاعة جيل الغد"، و"أجمل
أغاني إيرانية وغربية من إذاعة الغد"، و"أجمل أغاني وأحدث أخبار من إذاعة
الغد"، ولم ينس القائمون على هذه الإذاعة الجديدة أن يهمسوا في أذن الشباب
الإيراني عبر فاصل إعلاني أن يخبروا بقية أصدقائهم عنها.
تأتي إذاعة
فردا
تقليدا للإذاعة العربية سوا التي بدأت البث للعالم العربي في مارس
الماضي 2002، ولاقت رواجا بين الشباب العربي الكاره للسياسات الأمريكية في
منطقة الشرق الأوسط، حسب تقدير المؤسسة الأمريكية المشرفة على الإذاعتين.
لماذا "فردا"؟
"تساعد
الولايات المتحدة الأمريكية في إيصال الأخبار للشعب الإيراني منذ سنوات عبر
إذاعة الحرية، لكن ما زال الشعب الإيراني يقول لنا: إنهم بحاجة لمزيد من
البرامج الإذاعية والتلفزيونية؛ لأن عددًا من غير المنتخبين الذين يسيطرون
على مقاليد الحكم في إيران ما زالوا يضعون العراقيل أمام الحصول على الأخبار
غير المراقبة. ومن هذا المنطلق نحن نخدم طيفًا أكبر من الإيرانيين عبر نشر
الأخبار والموسيقى والتقارير الثقافية خلال 24 ساعة ... ونحن نستمر في وقوفنا
مع الشعب الإيراني في سعيه للحصول على الحرية والتقدم وحكومة صادقة ومؤثرة
ونظام قضائي عادل وحكومة القانون".
بهذه الكلمات
برر الرئيس الأمريكي جورج بوش في خطابه الافتتاحي لانطلاق إذاعة "فردا" السبت
21-12-2002، وهي محطة إذاعية باللغة الفارسية موجهة لفئة الشباب الإيراني
الذين هم دون عمر الـ30 والذين يشكلون أكثر من 70% من الشعب الإيراني البالغ
عدد سكانه قرابة 70 مليون نسمة.
تبث إذاعة
"فردا" برامجها الإخبارية والموسيقية على مدار الساعة من العاصمة التشيكية
براغ، ومع بدء بث إذاعة "فردا" توقف بث إذاعة الحرية التي كانت تذيع 180
دقيقة من الأخبار والتقارير والتحليلات السياسية والاقتصادية والثقافية في
اليوم ضمن إذاعة أوروبا الحرة.
تأتي انطلاقة
إذاعة فردا من العاصمة التشيكية براغ كامتداد طبيعي لإذاعة أوروبا الحرة التي
شكّلت السلاح الإعلامي القوي للمعسكر الغربي أثناء الحرب الباردة، وكان لها
دور كبير في إحداث الثورات الشعبية ضد الحكومات الشيوعية في أوروبا الشرقية
في أواخر الثمانينيات، وكانت تبث برامجها من ألمانيا، ومع انتهاء الحرب
الباردة لم تتخلَّ الولايات المتحدة الأمريكية عن هذه الوسيلة الدعائية،
واستمرت في تمويلها بـ25 مليون دولار سنويا لضمان نشرها بـ27 لغة من لغات
أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى، من ضمنها الفارسية.
"سوا" الفارسية
غير أنه يبدو
أن نجاح تجربة إذاعة "سوا" التي تبث برامجها باللغة العربية موجهة إلى العالم
العربي، دفعت الولايات المتحدة لتكرار نموذج مماثل باللغة الفارسية يخدم
الأهداف الأمريكية في صراعها مع النظام الإيراني الذي تعتبره واشنطن أحد
محاور الشر.
وتدار إذاعة
"فردا" الفارسية من نفس الجهة التي تشرف على إذاعة سوا العربية وهي مجلس
أمناء الإذاعات الدولية الأمريكية “BBG”، وتشبه سوا في التركيز على فئة
الشباب ونشر الموسيقى الأمريكية والإيرانية الجديدة مع نشرات إخبارية قصيرة
ومفصلة على مدار الساعة. تبث "فردا" برامجها 24 ساعة على الموجات المتوسطة
وعلى الإذاعات الرقمية الفضائية وعلى الإنترنت، كما يتم بثها 21 ساعة في
اليوم على الموجات القصيرة، وبهذا يتم بث 310 دقائق من الأخبار والبرامج
الأصلية خلال اليوم بجانب الموسيقى الأمريكية والإيرانية، ويتم بث البرامج من
واشنطن وبراغ لتذيع مرتين في الساعة أخبارًا وتقارير جديدة، وتقدم تقارير
وأخبارًا مفصلة في نشراتها الصباحية والمسائية.
ويمكن لمستخدمي
الإنترنت كذلك أن يستمعوا إلى برامج الإذاعة صوتًا ونصًا عبر موقعها على
الشبكة
www.radiofarda.com، ويصنف الموقع الأخبار والتقارير المذاعة
ثلاثة أقسام، وهي: أخبار إيران، وأخبار العالم، والأخبار والتقارير الثقافية
والفكرية، كما يحتوي على أرشيف كامل للأخبار والتقارير المذاعة. ويبدو أن ربط
الشباب الإيراني بأمريكا ثقافيا وسياسيا هو أحد أهم أهداف إذاعة فردا التي
تسعى لاستقطاب جماهير الشباب.
8 ملايين دولار
ميزانية فردا
يتم توفير
ميزانية فردا التي تصل إلى 8 ملايين دولار من قبل مجلس أمناء الإذاعات
الدولية Broadcasting Board of Governors، وهو إدارة مستقلة تتبع الإدارة
الفيدرالية، وتشرف على جميع الإذاعات غير العسكرية التي ترعاها الولايات
المتحدة، مثل "صوت أمريكا" و"أوروبا الحرة" وإذاعة "الحرية" وإذاعة "آسيا
الحرة" وإذاعة وتلفزيوني "مارتي" و”worldnet”. وتقوم هذه الإذاعات بتقديم
خدمات إخبارية وبرامج متنوعة لأكثر من 100 مليون إنسان بـ65 لغة وفي 125
مجالا من مجالات الحياة المتعددة. وتقوم هيئة من 9 أشخاص بإدارة هذه المؤسسة
التي يرأسها حاليًا "كنِت. واي. تاميلسون"، كما يتمتع وزير الخارجية الأمريكي
كولن باول بمنصب المشرف الأعلى على هذه المؤسسة المهمة التي تلعب قسم الدعاية
والإعلان للوزارة الخارجية في الحقيقة.
ويقول تاميلسون
عن فردا: "يشكل الشباب دون سن الثلاثين قرابة 70% من سكان إيران، ومعظم هؤلاء
الشباب الشجعان يتحملون مسؤولية الكفاح من أجل الحرية والديمقراطية في بلدهم.
فنحن أسسنا إذاعة فردا لهؤلاء. وفي الحقيقة نخدم جميع الشعب الإيراني، وتستمر
برامجنا في صوت أمريكا والتلفزيون والإنترنت في مخاطبة الشعب الإيراني".
أما
"نورمان.جي.بيتز" الذي يدير قسم الشرق الأوسط في BBG ويعتبر صاحب فكرة إذاعة
سوا العربية.. فيؤكد على أن إذاعة فردا الفارسية تم تدشينها بناء على نتائج
تجربة سوا العربية التي بدأت بثها في مارس الماضي 2002، ولاقت قبولا كبيرا
ورواجا واسعا بين الشباب العرب، وذلك في أعقاب أحداث 11 سبتمبر، ولتحسين صورة
أمريكا في أذهان الأجيال الشابة العربية عبر نشر الثقافة الأمريكية وتحقيق
تواصل مستمر معهم.
اعتراضات
أمريكية
لم يكن جيمي
هلمز العضو الجمهوري المحافظ في مجلس الشيوخ وحده الذي اعترض على نشر
الموسيقى بهذه الصورة من إذاعة فردا؛ نظرًا لإيجاد حساسيات ثقافية داخل
إيران، بل ذهب الكاتب الأمريكي جيكسون ديل في زاويته في واشنطن بوست الإثنين
16-12-2002 إلى أن وقف إذاعة الحرية التي تحولت إلى منتدى سياسي يوجه الأحداث
السياسية في إيران في أعقاب المظاهرات الطلابية، واستبدال إذاعة فردا بها
التي تبث أغاني جنيفرلوبز وبريتني سبيرز لن يخدم الشعب الإيراني في كفاحه ضد
ديكتاتورية الملالي.
وقال ديل: إنه
يمكن فهم وجود شباب عرب في عمان وبيروت يتأثرون بالموسيقى الأمريكية؛ لأنها
أحسن من التقارير التوثيقية الجاهزة التي تقدم من حكوماتهم الموالية
للأمريكان. أما الأمر الذي لا يمكن فهمه فهو تطبيق التجربة في إيران؛ حيث
يكافح الشباب الإيراني من أجل الحرية، ويرون بصيص النور في السياسات
الأمريكية، وليس في الموسيقى الأمريكية.
لكن في الحقيقة
يمكن النظر إلى إذاعة "فردا" من زاوية أخرى، وهي أن حكومة الرئيس بوش تسعى
لاستثمار ما يسميه الغضب الشعبي في إيران ضد الممارسات القمعية للنظام
الإيراني، وتهدف لمخاطبة طبقات الشعب الأكثر تأثيرًا في إحداث التغيرات عوضًا
عن دعم التيار الإصلاحي داخل النظام الإيراني، وبالتالي توجه التيار الشعبي
العارم الذي تعول عليه واشنطن في إيجاد تغير في النظام الإيراني لصالح
المصالح الأمريكية في المنطقة.
ويبدو واضحا أن
واشنطن تريد استهداف فئة الشباب، وتركز على الجانب الثقافي عبر نشر الموسيقى
التي تجذب الشباب أكثر من غيرهم، وتجعلهم متعلقين بهذه الإذاعة التي تكون
سهلة الوصول عبر الأمواج المتوسطة، وبالتالي يتم تقديم أخبار وتقارير سريعة
على مدار الساعة؛ وهو ما يحقق توجيه الأحداث السياسية في الشارع الإيراني؛
حيث يلعب الشباب العنصر الأساسي في المشهد السياسي والثقافي الإيراني الجديد.
وتوجد هناك
إذاعات أخرى تنشر الأخبار وبرامج متنوعة لإيران من الخارج، وأهمها إذاعة "بي
بي سي"، و"صوت أمريكا"، و"الإذاعة الألمانية"، و"الإذاعة الإسرائيلية"…
وإذاعات أخرى في دول الخليج، وإذاعات إيرانية يديرها معارضو النظام الإيراني
من بغداد ومن دول أوروبية وأمريكا الشمالية.
بحثًا عن الغد
الأمريكي
ومع وجود كل
هذه الإذاعات تعتبر إذاعة فردا ببثها المستمر على مدار الساعة الإذاعةَ
الوحيدة التي من الممكن أن تواجه الإذاعات الإيرانية التي تدعو الإيرانيين
للوقوف في وجه الشيطان الأكبر "أمريكا"، وعدم الانجراف وراء الدعايات
الأمريكية، وتحارب الثقافة الغربية التي بدأت في الانتشار في أوساط الشباب في
المدن الإيرانية الكبيرة في ظل الانفتاح الذي شهدته إيران في السنوات
الأخيرة.
ويتوقع بعض
المراقبين للأوضاع الإيرانية أن بث إذاعة فردا قد يوجد جدلاً جديدًا بين
التيارين المحافظ والإصلاحي داخل النظام الإيراني، وقد يطالب الإصلاحيون
بمزيد من الحريات في المجال الإعلامي لمقاومة الهجمة الأمريكية الثقافية
والإعلامية؛ لأن المزيد من القمع وعرقلة الحريات الإعلامية يولد ضغطاً شعبيًا
متزايدًا قد يتحول إلى اعتراضات شعبية قد تصعب السيطرة عليها، وصدامات قد
تخلف صدوعا وشروخا كبيرة بين الشعب الإيراني؛ الأمر الذي يخدم الأهداف
الأمريكية في إيران على المدى البعيد.
لكن يشكك
كثيرون في استجابة التيار المحافظ لمزيد من التنازلات في مجال الحريات العامة
حفاظاً على شعارات الثورة الإسلامية التي بنيت الجمهورية الإسلامية على
أساسها، والتفريط في هذه الأساسيات يُعتبر خيانة للثورة؛ الأمر الذي يرى
كثيرون ضرورة قراءته في إطار الخلاف بين تياري المحافظين والإصلاحيين. وفيما يستمر الصراع في أروقة النظام الإيراني حول الحريات العامة والحلال والحرام في عالم الفن والثقافة والإعلام، تبحث إذاعة "فردا" عن الغد الأمريكي في شوارع طهران التي تكتظ جدرانها بشعارات "مرك بر أمريكا" الموت لأمريكا.
** محلل سياسي |
"لا دماء من أجل النفط" |
|||||||||
2003/03/18 |
حسام شاكر ** |
||||||||
"لا حرب من أجل النفط"، "لا دماء
من أجل النفط".. شعاران شقيقان تعاني منهما الإدارة الأمريكية، التي تعودت
على ربح حروبها العسكرية في الميدان الإعلامي قبل ربحها في ميدان الحروب
والقتال، بما يخلق شعورًا متزايدًا لديها بأنها قد خسرت إلى حد كبير المعركة
الإعلامية، وهي ترى عشرات الملايين في مختلف قارات المعمورة ينتفضون ضد
سياستها التي صارت توصف بالفجاجة واللاأخلاقية، وتُتهم بأنها إنما تخوض
الحروب، وخاصة حربها المتوقعة ضد العراق من أجل النفط من دون مبالاة بما
تسببه الحروب من سفك دماء ومعاناة.
ولهذه الأسباب يسعى بعض الكتاب
والصحافيين المقربين من الإدارة الأمريكية، ومن وزارة الدفاع تحديدًا، إلى
الدفاع عن السياسة الأمريكية، ومحاولة تفنيد هذين الشعارين الأكثر رواجًا في
العالم اليوم "عبر سيل هائل من الكتابات والندوات".
براميل الذهب
الأسود
عندما استهل الكاتب ماكس بوت
-العضو البارز في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي- مقاله الذي نشرته صحيفة
"نيويورك تايمز" في الثالث عشر من شباط (فبراير) 2003؛ فإنه كان يضع نصب
عينيه هدفًا جوهريًّا محددًا؛ هو تقويض حجة "لا حرب من أجل النفط". وكأنما
حاسته السياسية جعلته يستشعر أن هذا الشعار سيعلو مع مئات الآلاف من اللافتات
المرفوعة بعد ذلك بيومين فقط، في مظاهرات الرفض للحرب التي اجتاحت الكوكب
المضطرب. فبعد أن احتشد سبعة ملايين شخص حول العالم، يوم الخامس عشر من شباط
(فبراير) 2003، رافعين هذا الشعار اللاذع، ومصوِّرين سيد البيت الأبيض على
هيئات عدة لا تغيب عنها السخرية أو براميل الذهب الأسود، وكانت الشعارات التي
تقرن الحرب والدماء بالنفط قد شاعت في الأصل إبان التحضير لحرب الخليج
الثانية؛ إذ وجدت طريقها بسرعة إلى وعي الرأي العام العالمي، وباتت لا تخطئها
العين في أي من مدن العالم؛ عبر لافتات وملصقات وشعارات جدارية، فضلاً عن
التحركات المتعاظمة ضد الحرب الأمريكية الجديدة ضد بلد عربي لا يقل مخزونه
النفطي عن 112.5 مليار برميل، بينما يعتقد أنه ينطوي على كميات هائلة غير
مكتشفة على ضوء الشعور المتزايد بأن واشنطن تريد اليوم أن تحصد ما زرعته قبل
عقد من الزمان.
فلم يتردد بوت أن يثير هذا التساؤل
في مقاله "هل تتوجه أمريكا إلى العراق سعيًا وراء الذهب الأسود، كما تعتقد
أغلبية دول أوروبا في أن الجشع هو الدافع وراء رغبتنا الإطاحة بصدام حسين؟".
ويعلق بوت على ذلك بالقول: "إن
الاتهام جدير ظاهريًّا بالتصديق؛ لأنّ العراق يملك ثاني أكبر احتياطي معروف
للنفط في العالم"، ومقابل هذا الاتهام سعى الكاتب إلى حشد الأدلة العددية
التي يرى أنها كفيلة بتقويض الحجة القائلة بوجود أطماع نفطية أمريكية من وراء
الحرب المحتملة، ولكن ذلك لم يمنعه من الإقرار بأن "الفائدة الاقتصادية
الأخرى المحتملة في العراق هي أن تفوز الشركات الأمريكية بعقود لإخماد
الحرائق (في آبار النفط)، وترميم معامل التكرير، والمساعدة في إعادة تشغيل
صناعة البترول، كما فعلت في الكويت"، حسب ما يستنتج.
وهو يرى بالتالي أنه "لو كانت
عُصبة رأسمالية هي التي تشرف على إدارة الحرب لكان عليها أن تتوصل إلى نتيجة،
مفادها أنها ليست عملية مربحة"، على حد تعبيره.
وفي محاولة لدفع التهمة عن بلاده،
والدفع بالكرة إلى الملعب الآخر، ذهب بوت إلى حد القول بأن "الأوروبيين
يلصقون سلوكهم بنا. إنهم يعرفون أن الجشع كثيرًا ما كان في الماضي الدافع
لسياساتهم الخارجية".
تناقض يسهل
العثور عليه
ورغم كثافة المادة الصحافية
الرامية لنزع الأطماع النفطية عن الحرب المحتملة؛ فإن المنابر الإعلامية التي
تحفل بالتعليقات التي تأتي في هذا السياق تبدو في تناقض يسهل العثور عليه
بقليل من التأمل.
ففي الصفحات السياسية ومساحات
الرأي تتزاحم الحجج الرامية لإضفاء الطابع الأخلاقي على الحرب المكروهة من
الرأي العام العالمي؛ فيأتي مثلاً تعليق لصحيفة "فايننتشال تايمز" منشور في
الثاني والعشرين من شباط (فبراير) تحت عنوان "ليست حربًا من أجل النفط".
بينما تغيب مثل هذه التعليقات تمامًا في الصفحات الاقتصادية لصالح ما يوحي
بنقيضها. فلقد خصصت الصحيفة في عدد اليوم السابق لذلك 21 من شباط (فبراير)
صفحة كاملة في إصدارها الألماني عن الاحتياطات النفطية للعراق، وتشير
التقارير المنشورة في هذه الصفحة إلى أن "الخبراء يعتقدون بوجود مخزون نفطي
هائل لم يُعثر عليه بعدُ غربي العراق"؛ وهو ما سيمثل "منافسة لمناطق الإنتاج
الواقعة حول بحر قزوين"، حسب تقديرها.
اقتسام
الكعكة.. أمريكيون وبريطانيون
ويستعرض تقرير آخر في "فايننتشال
تايمز" الألمانية أبعاد الصراع بين الشركات الدولية متعددة الجنسية على الفوز
بعقود التنقيب عن النفط واستخراجه، مشيرًا إلى مساعي الأمريكيين والبريطانيين
لتعزيز نفوذهم في الحقول النفطية العراقية على حساب الروس والفرنسيين.
ويؤكد التقرير الذي أعدته كورولا
هويوس من نيويورك أنه "حتى قبل أن تبدأ حرب ضد العراق تتصارع شركات النفط
فيما بينها وراء الكواليس على الخروج بمراكز جيدة قدر الإمكان في مرحلة ما
بعد الحرب".
ورغم أن الصمت ما زال سيد الموقف
في أوساط عمالقة الصناعة النفطية في العالم؛ فإن الأمر قد لا يبقى على هذا
النحو مع اقتراب ساعة الحسم المحتملة. ومن المفاجآت التي ينتظرها المراقبون
طبيعة الصراع المقبل بين الشركات الأمريكية والبريطانية على اقتسام الكعكة
العراقية في مرحلة ما بعد التغيير المفترض في بلاد الرافدين، والذي قد ينعكس
على متانة الاصطفاف البريطاني في المسار الأمريكي.
أمريكا.. أرض
الميعاد!
ولأن المقارنة المفزعة بين الدماء
والنفط باتت هاجسًا يؤرِّق الساهرين على القضية؛ فإن الانتقادات التي واجهتها
السياسة الأمريكية، وكذلك الرئيس الأمريكي جورج بوش تحتاج إلى أعجوبة لتفريغ
الشعار ذي الإيقاع الرشيق من محتواه.
ويبدو أن الثقافة الأمريكية نالت
حظها من الانتقاد، وذلك في حديث يوهان غالتون -النرويجي الباحث في دراسات
السلام والحائز على جائزة نوبل البديلة- الذي نشرته أسبوعية "فيلت فوخه"
السويسرية في عددها 38 الصادر في خريف 2002. إذ يرى غالتون أن "الأمريكيين
مقتنعون بأن الرب اختارهم، وأن الولايات المتحدة الأمريكية هي أرض الميعاد
خاصتهم، وأنهم في علو كبير بما يجعل القوانين الطبيعية للإنسانية أو حتى
القوانين الدولية لا تسري عليهم إلا فيما يخدم أهدافهم".
ولم يخلُ الأمر من تسرب مشاعر
السخط والرسوم الساخرة من الرئيس الأمريكي بوش إلى الصحافة الأوروبية
بالتدريج، ودون تحفظات تذكر.
تحالف
"الراغبين" - تحالف "المضطرين" = 3%
وفي وسط هذه الأمواج من الانتقادات
بينت دراسة حديثة أعدها أحد مراكز الدراسات السياسية في الولايات المتحدة أن
الإدارة الأمريكية تواجه مصاعب جمَّة في حشد التأييد اللازم لحربها على
العراق. وأشارت إلى أن واشنطن أخفقت حتى الآن في حشد أي تأييد، سواء كان
داخليًّا أو خارجيًّا لهذه الحرب.
وحللت الدراسة علاقة الولايات
المتحدة مع الدول التي أيدت الحرب على العراق، وباتت معروفة باسم "تحالف
الراغبين"؛ حيث بين هذا التحليل أن دعم دول "تحالف الراغبين" للحرب الأمريكية
كان نتيجة "الضغوط والمضايقات والرشاوى من قبل واشنطن لهم، أو التهديد المبطن
بعمل عسكري أمريكي يعرض مصالح هذه الدول بشكل مباشر للتهديد؛ لدرجة أن
الدراسة وصفت التحالف بأنه تحالف المضطرين، الذي يتعارض بشكل مباشر مع قيم
الديمقراطية، التي تحاول واشنطن أخذها في الحسبان".
وبعض الدول الأخرى تخشى مضاعفات
عدم تعاونها مع القوة العظمى الوحيدة في العالم، والتي هدَّد رئيسها علنًا
بعد أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) 2001 بأن دول العالم عليها أن تقف
"إما معنا أو مع الإرهابيين".
ومع أن الإدارة الأمريكية ترفض
إصدار قائمة رسمية بأسماء هذه الدول؛ فإن التقارير الصحفية تظهر أن هناك 34
دولة مؤيدة لموقف الولايات المتحدة. ويقول المسئولون الأمريكيون: إن هذا يشكل
دعمًا متعدد الأطراف بشكل قوي للموقف الأمريكي، لكن من المفيد القول بأن هذه
الدول لا تشكل أكثر من 10% من سكان العالم.
وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن 75%
من سكان هذه الدول الأعضاء في "تحالف الراغبين" يعارضون الحرب على العراق؛
فبالإمكان الاستنتاج أن 3% فقط من سكان العالم يؤيدون الحرب. وإذا ما نظر
المرء عن قرب إلى لائحة الدول الأعضاء في هذا "التحالف" فإنه يجد أنها جميعًا
معرضة للضغوط الأمريكية بشكل كبير، وأنها رضخت بسبب مصالح عسكرية أو مصالح
اقتصادية، وفق ما أوردته الدراسة.
وبذلك يتوجب على كتّاب الأعمدة
ومعلقي التلفزة والمحاضرين في الندوات العامة أن يستميتوا في محاولة إقناع
هذه السيول البشرية التي حملت اللافتات الرافضة للحرب من أجل النفط بأن
خروجهم في منتصف شباط (فبراير) إلى الميادين الكبرى لم يكن قرارًا صائبًا.
|
إحتفاء
حكامنا الخونة المخجل
بشارون...
وغضب
شعبي
عاجز
بيانات
"التضامن"
العاجز
و
معركة الأمعاء الخاوية
لماذا الهجوم علىعناصر المقاومة في الجسم الإسلامي
الجريح
؟
إسرائيل تدفع الولايات
المتحدة للسيطرة على العالم لصالح واليهود
Comments about
Mr.
Howiedi´s book
SILENCE IN THE FACE OF INJUSTICE
IS A CRIME
Entretien avec le
penseur islamiste Fahmi Howeidi
تعقيبات